الأستاذ عبدالله بن أحمد الجودر

71520052_513801456078042_4219764915471209759_n

على يسار نهاية أحد الشوارع المؤدية الى سوق المحرق العتيد وبالقرب من سوق القيصرية تقع المكتبة العصرية لصاحبها الحاج عبدالله بن أحمد الجودر أحد مثقفي أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، وهو موظف مهم في المحكمة الشرعية البحرينية وأحد خبراء ذلك الزمان في وضع الفرائض الخاصة باقتسام الميراث. يسكن حي بن هندي ويمر من بعد صلاة عصر كل يوم متأبطا بشته الأسود مخترقا الطريق الرئيس بحينا في طريقه الى المكتبة العصرية التي لا تفتح لبيع الكتب والمجلات إلا خلال هذه الفترة القصيرة ما بين الصلاتين. وقد تم افتتاح هذه المكتبة حوالي عام 1955 وواصلت نشاطها في بيع الكتب والمجلات حتى وفاة صاحبها حوالي عام

كانت المكتبة تبيع منشورات دار صادر اللبنانية ودار المعارف المصرية وغيرهما الى جانب مجلات دار الهلال وبعض المجلات العربية والانجليزية الأخرى وكنت أتردد على هذه المكتبة لشراء بعض الكتب والمجلات التي أتابعها أسبوعيا ومنها مجلتي “سندباد” و”سمير” في البدايات ثم مجلة knowledge المصورة التي تنشر مواد علمية وثقافية عامة بأسلوب مبسط وموجه إلى طلاب المرحلة الثانوية وكان هناك هدف خفي 4 المنتظم على المكتبة وهو تصفح دواوين الشعر وقراءة ما يتيسر لي منها داخل المكتبة دون شرائها. ولترددي على المكتبة ثلاثة أيام في الاسبوع بانتظام نشأت بيني وبين الاستاذ عبدالله صداقة التلميذ لأستاذه وكنت أزور المكتبة للتعرف على ما يرد من الجديد ولأكتفي بقراءة عناوين الكتب المعروضة للبيع خلال فترة تواجدي بالمكتبة . وأذكر هنا بأنني اشتريت لأول مرة في حياتي كتاباً بالتقسيط المريح من هذه المكتبة ، فقد كنت لفترة أولية مولعاً بمتابعة مجلة الأطفال (سندباد) ومن بعدها مجلة( سمير) وفي زيارة لي للمكتبة العصرية لفت انتباهي جديد ورد للمكتبة معروض بطريقة ملفتة وهو نسخة وحيدة من مجلد أنيق لأعداد سنة ماضية من مجلة (سندباد) فهفوت لاقتنائه فإذا بسعره 25 روبية من عملة ذلك الزمان وهو مبلغ وقتها كبير لطالب فقير فاقترحت على صاحب المكتبة أن أوفر لديه يومياً من مصروفي إلى أن تكتمل قيمة الكتاب وقد اشترط أن يبيعه إذا جاء مشتر لدفع المبلغ نقداً قبل أن أتم توفير كامل السعر وقد اجتهدت كثيراً في التوفير وأنا وجل خوفاً من أن يأتي من يدفع ويشتري الكتاب. وعندما وصلت منتصف الطريق في الدفع فاجأني الأستاذ عبدالله بوضع المجلد في كيس وأعطاني إياه متنازلاً عن باقي القيمة ففرحت وقبلت جبينه شاكراً.

 رحم الله الأستاذ عبدالله بن أحمد الجودر فقد كان قامة ثقافية وكانت مكتبته علامة فارقة في سوق المحرق العريق وكانت نافذتي الأولى على ما يُنشر من الكتب التي ترد إلى البحرين. ولقد خزنت لفقده في 28 مارس 2008 وإغلاق تلك المكتبة التي أمدتني في مرحلة مبكرة بالكثير من المعارف.

التصنيف
مقالات صحفية
Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
YouTube
Instagram
Facebook
Twitter